1. التحدي: “عقلها مليء بالأفكار الرائعة، لكن حياتها مليئة بالفوضى”

“نادية” (اسم مستعار)، طفلة تبلغ من العمر 9 سنوات، كانت موهوبة بشكل استثنائي. كانت رسامة ماهرة، كاتبة قصص خيالية، ومبدعة في كل شيء تفعله. لكن هذا العالم الداخلي الغني كان يقابله عالم خارجي شديد الفوضى. كانت غرفتها “منطقة كوارث إبداعية”، حيث تختلط الألوان بالكتب بالملابس.

كانت المشكلة الأكبر هي تأثير هذه الفوضى على حياتها اليومية والمدرسية. كانت تفقد واجباتها المدرسية باستمرار، تنسى أدوات الرسم الخاصة بالنشاط المدرسي، وتقضي وقتاً طويلاً في البحث عن أغراضها كل صباح، مما يحول كل استعداد للخروج إلى تجربة متوترة. كان والداها في حيرة من أمرهما. قالت والدتها: “نحن نقدر إبداعها ونخاف أن نقضي عليه بفرض قواعد صارمة، لكننا في نفس الوقت نخشى أن تعيقها هذه الفوضى عن تحقيق إمكاناتها الكاملة”.

2. رحلة الدعم: تنظيم إبداعي لعقل إبداعي

كان الحل لا يكمن في فرض نظام صارم، بل في إنشاء نظام مرن ومبدع يعمل مع طريقة تفكير نادية البصرية والإبداعية، وليس ضدها.

  • الجلسات التعليمية العلاجية مع نادية:
    1. تحويل التنظيم إلى مشروع فني: بدلاً من الصناديق الرمادية المملة، حولنا عملية التنظيم إلى مشروع إبداعي. قامت نادية بنفسها بتصميم وتلوين ملصقات فريدة لكل صندوق (صندوق “كنوز الرسم”، صندوق “مغامرات الليغو”).
    2. استخدام الأدوات البصرية: قمنا بوضع لوحة بيضاء كبيرة في غرفتها. أصبحت هذه اللوحة هي “الدماغ الخارجي” لها. خصصنا قسماً للمهام المدرسية، وقسماً آخر مهماً أسميناه “موقف الأفكار الرائعة”، حيث يمكنها تدوين أو رسم أي فكرة إبداعية تخطر ببالها بسرعة، ثم العودة إلى واجبها دون الخوف من نسيانها.
    3. تقنية “الـ 10 دقائق السحرية”: بدلاً من طلب “ترتيب الغرفة” (وهي مهمة ضخمة)، طبقنا تحدي “ترتيب الأبطال الخارقين” اليومي: تشغيل أغنية سريعة ومحاولة إعادة أكبر عدد ممكن من الأشياء إلى مكانها خلال 10 دقائق فقط.
  • جلسات إرشاد الوالدين: تعلم الوالدان كيفية دعم النظام الجديد:
    • إنشاء “مناطق” محددة: تم تقسيم الغرفة إلى مناطق واضحة: “منطقة الإبداع” للطاولة الفنية، “منطقة الهدوء” للقراءة، و”منطقة الانطلاق” بجوار الباب لكل ما يتعلق بالمدرسة.
    • تغيير اللغة: تحول الحديث من “أنتِ فوضوية جداً” إلى “هيا نستخدم نظامنا لنجد ما تبحثين عنه”. هذا حوّل التركيز من اللوم إلى الحل.

3. التحول الإيجابي: إبداع منظم وبيت أكثر هدوءاً

لم تفقد نادية شرارتها الإبداعية، بل وجدت لها إطاراً يساعدها على التألق:

  • شعور بالسيطرة والهدوء: انخفض مستوى القلق لدى نادية بشكل كبير بعد أن أصبحت تشعر بالسيطرة على أغراضها وبيئتها. لم تعد تخشى باستمرار من نسيان شيء مهم.
  • تحسن الأداء المدرسي: مع وجود نظام واضح للواجبات المدرسية ومكان مخصص لكل شيء، بدأت في تسليم واجباتها في الوقت المحدد، مما انعكس إيجاباً على ثقتها بنفسها في المدرسة.
  • فوضى أقل، إبداع أكثر: المفارقة هي أنه عندما أصبحت بيئتها أكثر تنظيماً، أصبح لديها مساحة ذهنية أكبر للتركيز على مشاريعها الإبداعية.
  • والدان فخوران: قالت والدتها: “لقد تعلمنا أنه لا يجب علينا الاختيار بين الإبداع والنظام. ميراي ساعدتنا على بناء نظام كان ملوناً وممتعاً مثل خيال نادية تماماً. هي لا تزال فتاتنا المبدعة الرائعة، لكنها الآن تملك الأدوات اللازمة لتحويل أفكارها المذهلة إلى حقيقة دون كل ذلك التوتر والفوضى”.