
مساعدة طفل حساس: قصة “نور” في التعامل مع المشاعر الكبيرة في عالم صاخب
1. التحدي: “كانت تشعر بكل شيء بعمق شديد”
عندما جاء والدا “نور” (اسم مستعار)، طفلة تبلغ من العمر 6 سنوات، كانا في حيرة من أمرهما. وصفا ابنتهما بأنها “حنونة وذات قلب كبير” ولكنها أيضاً “درامية وحساسة للغاية”. كانت ردود أفعال نور العاطفية كبيرة جداً مقارنة بأقرانها. مشهد حزين قصير في فيلم كرتوني يمكن أن يجعلها تبكي لساعة كاملة. أي نقد بسيط من معلمتها كان يشعرها بالفشل التام.
بعد المناسبات الاجتماعية الممتعة مثل حفلات أعياد الميلاد، كانت تعود إلى المنزل وتنهار في نوبة بكاء وإرهاق. كما كانت تشتكي باستمرار من أمور تبدو بسيطة للآخرين، مثل ملصقات الملابس التي “تؤلمها” أو أصوات معينة “صاخبة جداً”. كان والداها يحاولان جاهدين مساعدتها بقول “لا تبالغي” أو “عليكِ أن تكوني أقوى”، لكن هذا كان يزيد من شعورها بأن لا أحد يفهمها، مما يزيد من عزلتها ودموعها.
2. رحلة الدعم: من محاولة “تقويتها” إلى فهم “قوتها”
كان التحول الجذري في رحلة هذه الأسرة هو التوقف عن محاولة “إصلاح” حساسية نور، والبدء في فهمها وتقديرها كجزء أساسي من شخصيتها. من خلال إرشاد الوالدين وجلسات فردية مع نور، اتبعنا النهج التالي:
- إعادة صياغة المفهوم: قدمنا للوالدين مفهوم “الطفل ذي الحساسية المفرطة” (HSC). شرحنا أن هذه ليست اضطراباً، بل هي سمة مزاجية فطرية. دماغ نور ببساطة يعالج المعلومات الحسية والعاطفية بعمق أكبر. هذه “الحساسية” هي مصدر تعاطفها الكبير وإبداعها، ولكنها أيضاً سبب إرهاقها السريع.
- استراتيجيات للوالدين:
- التحقق من صحة المشاعر: تعلم الوالدان استبدال “أنتِ تبالغين” بـ “أنا أرى أن هذا الأمر أثر فيكِ بعمق. أنا هنا لأسمعك”. هذا الاعتراف البسيط كان له تأثير هائل على شعور نور بالأمان.
- التخطيط لـ “وقت التعافي”: أصبحوا يخططون لوقت هادئ ومنظم بعد أي نشاط اجتماعي كبير. ساعة من القراءة الهادئة أو الرسم في المنزل بعد حفلة عيد ميلاد أصبحت جزءاً أساسياً من الروتين لمساعدة جهازها العصبي على الهدوء.
- بناء “صندوق أدوات” لنور: في جلساتنا الفردية، ساعدنا نور على فهم “قوتها الخارقة” في الشعور. تعلمنا أدوات عملية لإدارة هذه القوة، مثل:
- “جرة الهدوء” (Glitter Jar): جرة مليئة بالماء والجليتر، تهزها عندما تشعر بالانزعاج وتراقب الجليتر وهو يستقر ببطء، مما يساعدها على تنظيم تنفسها وتهدئة نفسها.
- إيجاد الكلمات: تدربنا على استخدام كلمات لوصف ما تشعر به، مثل “أشعر بالإرهاق الحسي” أو “هذا الصوت مرتفع جداً بالنسبة لي”.
3. التحول الإيجابي: ازدهار الزهرة الحساسة
بتغيير البيئة والنهج بدلاً من محاولة تغيير الطفلة، ازدهرت نور:
- انهيارات أقل وأقصر: لم تختفِ مشاعرها الكبيرة، لكن قدرتها على إدارتها تحسنت بشكل كبير. أصبحت نوبات الانهيار أقل تواتراً وأقصر مدة، لأنها أصبحت تملك الأدوات اللازمة للتعامل معها.
- ثقة متزايدة: شعور نور بأنها مفهومة ومقبولة من والديها عزز ثقتها بنفسها بشكل هائل. بدأت ترى حساسيتها كنقطة قوة.
- والدان أكثر هدوءاً واتصالاً: شعر الوالدان براحة كبيرة. توقفوا عن محاربة طبيعة ابنتهم وبدأوا في رعايتها. قالت والدتها: “كنا نعتقد أن مهمتنا هي جعلها أقل حساسية. لقد تعلمنا أن مهمتنا هي مساعدة ابنتنا الحساسة على الازدهار في عالم ليس دائماً لطيفاً. فهم هذا الأمر غير كل شيء. حساسيتها هي أجمل ما فيها الآن”.
دراسات مرتبطة
