1. التحدي: “لم يعد طفلنا الذي نعرفه”

عندما جاء والدا “كريم” (اسم مستعار)، طفل يبلغ من العمر 5 سنوات، كانا يشعران بقلق شديد. قبل شهرين، تعرض كريم لحادث بسيط ولكنه مخيف، حيث ضل طريقه عن والدته في مركز تجاري مزدحم لبضع دقائق. على الرغم من العثور عليه بسرعة، إلا أن التجربة تركت أثراً عميقاً عليه.

الطفل الذي كان مستقلاً ومنطلقاً، أصبح شديد التعلق بوالدته، يرفض الذهاب إلى الروضة، ويعاني من كوابيس متكررة. أي محاولة من والديه للتحدث عما حدث كانت تقابل بالصمت أو بنوبة بكاء. قالت والدته: “نشعر بأنه عالق في تلك اللحظة المخيفة. لم يعد طفلنا الواثق والمرح الذي نعرفه، ولا نعرف كيف نساعده على تجاوز الأمر”.

2. رحلة الدعم: عندما يصبح اللعب هو الشفاء

كان من الواضح أن كريم لم يكن مستعداً أو قادراً على معالجة هذه التجربة الصعبة بالكلمات. لذلك، كان المدخل إلى عالمه هو لغته الطبيعية: اللعب.

  • الجلسات الفردية مع كريم: من خلال العلاج باللعب، وفرنا لكريم مساحة آمنة ومجموعة من الألعاب الرمزية (مجسمات عائلة، حيوانات، مكعبات بناء، سيارات).
    1. اللعب المتكرر: على مدار عدة جلسات، بدأ كريم في تكرار نفس سيناريو اللعب. كان يأخذ مجسم حيوان صغير ويجعله يضيع بعيداً عن مجسم الأم، ثم يغطيه بالمكعبات ليبدو “محاصراً”. كان يكرر هذا المشهد مراراً وتكراراً.
    2. إعادة كتابة القصة: كان دوري هو أن أكون الراوي الهادئ والمطمئن لقصته. كنت أعلق على اللعب قائلاً: “الأرنب الصغير ضائع ويشعر بالخوف الشديد. إنه وحيد”. بعد عدة تكرارات لهذا المشهد، بدأت في طرح أسئلة لطيفة: “أتساءل من يمكنه أن يساعد الأرنب؟”. في جلسة فارقة، أحضر كريم مجسم أسد كبير ووضعه بجانب الأرنب “ليحميه”.
    3. من الضحية إلى البطل: تدريجياً، تغيرت القصة. أصبح كريم يجعل الحيوان الصغير يجد طريقه للعودة، أو يبني له “بيتاً آمناً” لا يمكن أن يضيع منه. لقد كان يعيد تمثيل التجربة المؤلمة، ولكن هذه المرة، كان هو المتحكم والبطل الذي يكتب النهاية السعيدة.

3. التحول الإيجابي: استعادة الأمان والثقة

ما حدث في غرفة اللعب لم يبقَ هناك، بل امتد تأثيره إلى حياة كريم اليومية.

  • انخفاض القلق والكوابيس: مع كل مرة “ينقذ” فيها الحيوان الصغير في اللعبة، كان كريم يعالج جزءاً من صدمته. انخفضت الكوابيس بشكل كبير، وأصبح نومه أكثر هدوءاً.
  • استعادة الاستقلالية: قلّ تعلقه الشديد بوالدته. بدأ يطلب الذهاب للعب في الحديقة مرة أخرى، وفي الروضة، بدأ يشارك في الأنشطة بثقة أكبر.
  • القدرة على التحدث: بعد أسابيع من معالجة الأمر من خلال اللعب، فاجأ كريم والديه ذات مساء بالحديث عن اليوم الذي ضاع فيه. لكنه هذه المرة، رواها كقصة من الماضي، وليس كخوف يعيشه في الحاضر.
  • راحة الوالدين: قالت والدته: “كنا نحاول إجباره على استخدام الكلمات، لكن مشاعره كانت أكبر منها. العلاج باللعب منحه لغة ليروي قصته بطريقته الخاصة. كان الأمر أشبه بمشاهدته يعيد بناء شعوره بالأمان قطعة قطعة. لقد استعدنا ابننا المرح والواثق من جديد”.