
فتح أبواب التواصل: كيف ساعدت الصور “سامي” على التعبير عن احتياجاته؟
1. التحدي: “عالم من الاحتياجات الصامتة”
عندما التقينا بـ “سامي” (اسم مستعار)، طفل رائع يبلغ من العمر 4 سنوات، كان يعيش في عالم صامت. على الرغم من أنه كان يفهم الكثير مما يدور حوله، إلا أن قدرته على استخدام الكلمات للتعبير عن رغباته واحتياجاته كانت محدودة جداً. وصفت والدته الموقف بحزن قائلة: “أعلم أنه يريد شيئاً ما، لكنني لا أعرف ماذا. أشعر وكأنني أخمن طوال اليوم”.
هذه الفجوة في التواصل كانت مصدراً هائلاً للإحباط لكلا الطرفين. كان سامي يلجأ إلى البكاء الشديد، أو سحب والدته من يدها، أو أحياناً رمي الأشياء عندما لا يتم فهمه. هذه السلوكيات لم تكن “سيئة”، بل كانت طريقته الوحيدة للتواصل. كانت الأسرة تشعر بأنها عالقة، ترغب بشدة في تلبية احتياجات طفلها لكنها لا تملك المفتاح للوصول إليه.
2. رحلة الدعم: بناء لغة من الصور
كان هدفنا واضحاً: بناء جسر للتواصل يمكن لسامي استخدامه فوراً ليعبر عن نفسه. كانت الأداة المثالية لذلك هي نظام التواصل عبر تبادل الصور (PECS).
- الجلسات الفردية مع سامي: بدأنا بخطوات بسيطة جداً. في البداية، قمنا بتعليمه كيفية تبادل صورة واحدة لشيء يحبه بشدة (مثل البسكويت المفضل لديه). بمجرد أن يعطينا الصورة، يحصل على البسكويت فوراً. هذا الربط المباشر والفوري بين “الصورة” و”الحصول على ما أريد” كان حاسماً. تدريجياً، قمنا بزيادة عدد الصور، ووضعناها في “كتاب تواصل” خاص به، يشمل صوراً للطعام، الألعاب، والأنشطة.
- جلسات إرشاد الوالدين: كان تدريب الأهل على استخدام النظام في المنزل هو مفتاح النجاح. عملنا معهم على:
- خلق فرص للتواصل: بدلاً من وضع كل شيء في متناول يد سامي، تعلموا كيفية وضع الأشياء المرغوبة على رف مرئي ولكن بعيد المنال قليلاً، مما يحفزه على استخدام كتابه لطلبها.
- الاستجابة الفورية: شددنا على أهمية الاستجابة الفورية لطلباته بالصور، لتعزيز ثقته في أن هذه “اللغة” الجديدة فعالة ومجدية.
3. التحول الإيجابي: صوت مسموع وشخصية مزدهرة
كان تأثير نظام التواصل بالصور سريعاً وعميقاً، وتجاوز مجرد القدرة على طلب الأشياء:
- انخفاض هائل في الإحباط: بمجرد أن امتلك سامي طريقة موثوقة للتعبير عن “أريد عصير” أو “أريد أن ألعب بالسيارة”، انخفضت نوبات البكاء والسلوكيات الصعبة بشكل كبير. لقد مُنح صوتاً أخيراً.
- ظهور شخصيته: بدأنا نرى شخصية سامي الحقيقية تظهر. لم يعد مجرد طفل محبط، بل أصبح قادراً على إظهار تفضيلاته بوضوح، مما سمح لعائلته بالتعرف عليه بشكل أعمق.
- بدايات النطق: بشكل غير متوقع للكثير من الأهالي، استخدام نظام PECS لا يمنع الكلام، بل غالباً ما يشجعه. مع كل صورة يقدمها، كنا نقول اسم الشيء بصوت عالٍ. بعد عدة أسابيع، بدأ سامي بمحاولة نطق الكلمات بالتزامن مع تقديمه للصورة.
- شعور بالتمكين للأسرة: قالت والدته بفرح: “لأول مرة، أشعر أنني أتواصل معه حقاً. لم أعد أخمن. كتاب الصور هذا هو أثمن شيء نملكه، لقد غيّر حياتنا”.
دراسات مرتبطة
