1. التحدي: “كان يستسلم قبل أن يبدأ”

جاء إلينا والدا “باسم” (اسم مستعار)، طفل يبلغ من العمر 6 سنوات، وهما يشعران بالقلق والإحباط. كانت المشكلة الأساسية لدى باسم هي انخفاض قدرته على تحمل الإحباط. أي مهمة تبدو صعبة ولو قليلاً، سواء كانت تركيب قطعة ليغو معقدة، أو محاولة كتابة حرف جديد، أو حتى خسارة في لعبة بسيطة، كانت تقابل برد فعل فوري وحاسم: يرمي اللعبة، يمزق الورقة، ويعلن بصوت عالٍ “أنا لا أستطيع! هذا غبي!”.

كان والداه قلقين للغاية. لاحظا أنه بدأ يتجنب أي نشاط جديد خوفاً من الفشل المحتمل. كانت محاولاتهما لتشجيعه بقول “بالتأكيد تستطيع، فقط حاول أكثر!” تزيد من إحباطه وعناده. كانا يخشيا أن تترسخ في ذهنه فكرة أنه “غير جيد” في فعل الأشياء، مما قد يؤثر على رحلته التعليمية وثقته بنفسه على المدى الطويل.

2. رحلة الدعم: من “لا أستطيع” إلى “سأحاول بطريقة أخرى”

كان نهجنا مع باسم يهدف إلى تغيير علاقته بالخطأ والتحدي، وتزويده بأدوات للتعامل مع شعور الإحباط بدلاً من الهروب منه.

  • الجلسات الفردية مع باسم:
    1. تقديم “قوة كلمة ‘بعد'”: عملنا على تغيير لغته الداخلية. في كل مرة كان يقول “أنا لا أستطيع”، كنا نضيف بهدوء كلمة “… بعد”. “أنت لا تستطيع بناء هذا البرج… بعد”. هذه الإضافة البسيطة حولت الجملة من حكم نهائي إلى تحدٍ مؤقت.
    2. التدرب على “فقاعات الإحباط”: استخدمنا اللعب للتدرب على إدارة المشاعر. كنا نبني برجاً ونتعمد إسقاطه. قبل أن نغضب، كنا نتدرب على أخذ ثلاثة “أنفاس عميقة كالأسد”. تعلمنا أن الإحباط هو مجرد “فقاعة شعور” كبيرة، ويمكننا أن نتعلم كيف ندعها تنفجر بهدوء.
    3. مبدأ “التحدي المناسب”: اخترنا له أنشطة وألعاباً ذات مستوى صعوبة “مناسب تماماً”، أي صعبة بما يكفي لتتطلب جهداً، ولكنها قابلة للتحقيق. هذا سمح له بتجربة الشعور الرائع بالنجاح بعد المثابرة.
  • جلسات إرشاد الوالدين: لعب الأهل دوراً محورياً في تعزيز هذه المهارات في المنزل:
    • مدح العملية وليس النتيجة فقط: كان هذا هو التحول الأكبر. بدلاً من التركيز على “هل نجحت؟”، تعلموا مدح الجهد والمثابرة. “لقد أحببت كيف واصلت المحاولة حتى عندما سقطت المكعبات” أصبحت أكثر فعالية من “لقد بنيت برجاً جميلاً”.
    • نمذجة التعامل مع الخطأ: تدرب الوالدان على التعليق بصوت عالٍ على أخطائهم البسيطة بشكل إيجابي. “أوه، لقد سكبت بعض الماء. لا بأس، الأخطاء تحدث. سأقوم بتنظيفها”.

3. التحول الإيجابي: طفل لا يخشى المحاولة

مع الوقت والممارسة، بدأنا نرى شخصية باسم تتغير وتصبح أكثر مرونة.

  • زيادة المثابرة: أصبح باسم يمضي وقتاً أطول في محاولة حل المشكلات قبل أن يشعر بالإحباط. لم يعد يستسلم عند أول عقبة.
  • تغير في اللغة: بدأ الوالدان يسمعانه يقول من تلقاء نفسه جملاً مثل “هذا صعب، لكنني أحاول” أو حتى “لا أعرف كيف أفعلها… بعد!”.
  • انخفاض نوبات الغضب: قلت الانهيارات المرتبطة بالإحباط بشكل كبير لأنه أصبح يملك أدوات بديلة للتعامل مع هذا الشعور.
  • تأثير إيجابي في المدرسة: لاحظت معلمته أنه أصبح أكثر استعداداً للمشاركة في الأنشطة الجديدة وأقل خوفاً من الإجابة على الأسئلة حتى لو لم يكن متأكداً من الإجابة.
  • والدان أكثر حكمة: قالت والدته: “كنا نركز على استسلامه، ولم ندرك أننا لم نكن نعطيه الأدوات اللازمة للمواصلة. تعلم مدح جهده غيّر كل شيء. الآن، هو لا يخشى التحدي، بل يراه لغزاً ينتظر الحل. لقد تعلم أنه لا بأس من أن تكافح، وهذا درس للحياة بأكملها”.