كم مرة في اليوم تسمع نفسك تقول “لا!”؟ “لا تركض!”، “لا تلمس!”، “لا تصرخ!”. كآباء وأمهات، نستخدم كلمة “لا” باستمرار لحماية أطفالنا ووضع الحدود، ولكننا غالباً ما نجد أنفسنا في دائرة مفرغة من التكرار والجدال. الحقيقة هي أن دماغ الطفل الصغير يجد صعوبة في معالجة الكلمات السلبية. عندما تقول “لا تركض”، كل ما يسمعه دماغه هو كلمة “اركض!”. علاوة على ذلك، فإن النهي يخبر الطفل بما لا يجب فعله، لكنه لا يعلمه ما هو السلوك الصحيح الذي نتوقعه منه. التحول البسيط في استخدام لغة إيجابية وموجهة يمكن أن يغير ديناميكية منزلك بشكل مذهل.


 

كيف تحول “لا” إلى توجيه إيجابي؟

 

الأمر كله يتعلق بإعادة صياغة الجملة. بدلاً من التركيز على السلوك الذي تريد إيقافه، ركز على السلوك الذي تريد رؤيته. إليك بعض الأمثلة العملية لمواقف يومية:

1. الموقف: طفلك يركض داخل المنزل

  • بدلاً من قول: “لا تركض!”
  • جرب أن تقول: “الرجاء استخدام قدمين تمشيان في الداخل. يمكنك أن تركض بكل سرعتك عندما نصل إلى الحديقة!”.
  • لماذا ينجح؟ أنت تخبره بوضوح بالسلوك المطلوب (“قدمين تمشيان”)، وتعترف برغبته في الركض وتقدم له وقتاً ومكاناً مناسبين للقيام بذلك.

2. الموقف: طفلك يصرخ أو يتحدث بصوت عالٍ جداً

  • بدلاً من قول: “لا تصرخ!”
  • جرب أن تقول: “أحب أن أسمع حماسك! في الداخل، نستخدم صوتنا الهادئ. هل يمكنك أن تهمس لي بما تريد قوله؟”.
  • لماذا ينجح؟ إنه يحترم مشاعر الطفل (“أحب حماسك”)، يضع حداً واضحاً (“صوتنا الهادئ”)، ويحول الأمر إلى لعبة ممتعة (الهمس).

3. الموقف: طفلك على وشك لمس شيء قابل للكسر

  • بدلاً من قول: “لا تلمس ذلك! ستكسره!”
  • جرب أن تقول: “هذا الشيء حساس جداً ويجب أن ننظر إليه بأعيننا فقط. يمكنك أن تلمس هذه اللعبة اللينة بدلاً من ذلك”.
  • لماذا ينجح؟ أنت تشرح السبب (“حساس جداً”)، تقدم السلوك البديل (“النظر بأعيننا”)، وتعطي خياراً إيجابياً ومقبولاً (“اللعبة اللينة”).

4. الموقف: طفلك يرمي الألعاب

  • بدلاً من قول: “توقف عن رمي الألعاب!”
  • جرب أن تقول: “الألعاب ليست للرمي. إذا كنت تشعر بالحاجة لرمي شيء ما، يمكنك رمي هذه الوسائد الناعمة هنا على الأريكة”.
  • لماذا ينجح؟ أنت تضع حداً واضحاً (“الألعاب ليست للرمي”) وتعيد توجيه الحاجة أو الرغبة الكامنة وراء السلوك إلى نشاط آمن ومقبول.

5. الموقف: طفلك يرفض مشاركة ألعابه

  • بدلاً من قول: “لا تكن أنانياً، شارك صديقك!”
  • جرب أن تقول: “أرى أنك تلعب بهذه السيارة الآن. عندما تنتهي من دورك، سيكون دور صديقك ليلعب بها”.
  • لماذا ينجح؟ إنه يحترم ملكية الطفل الحالية للعبة (“تلعب بها الآن”) ويعلمه مفهوم انتظار الدور، وهو مهارة اجتماعية أهم من المشاركة القسرية.

إن تغيير عاداتنا اللغوية يتطلب وقتاً وممارسة، ولن تكون مثالياً طوال الوقت وهذا طبيعي. لكن تذكر، مع كل عبارة إيجابية تستخدمها، أنت لا تتجنب جدالاً فحسب، بل تقوم بتعليم طفلك مهارة جديدة، وتظهر له الاحترام، وتبني علاقة أقوى وأكثر تعاوناً معه، جملة بجملة.


تغيير طريقة تواصلنا مع أطفالنا يمكن أن يحدث فرقاً هائلاً. إذا كنتم ترغبون في تعلم المزيد من أدوات التربية الإيجابية، فإن جلسات “دعم وإرشاد الوالدين” تقدم لكم دعماً واستراتيجيات عملية. تواصلوا معنا.