1. التحدي: “شعرنا وكأننا فقدنا طفلنا الأول بعد ولادة الثاني”

عندما تواصل معنا والدا “أمير” (اسم مستعار)، طفل يبلغ من العمر 4 سنوات، كانا قد استقبلا طفلتهما الجديدة قبل شهرين. تحولت فرحتهم الأولية بالمولود الجديد إلى قلق وإرهاق شديدين بسبب التغيرات السلوكية المقلقة التي ظهرت على أمير.

الطفل الذي كان مستقلاً، يتحدث بطلاقة، ويستخدم الحمام بثقة، بدأ في التراجع سلوكياً بشكل ملحوظ. عاد للتحدث بصوت طفولي، وزادت حوادث التبول اللاإرادي. الأهم من ذلك، أصبح شديد العناد ونوبات غضبه متكررة، خاصة عندما تكون والدته مشغولة بالرضيعة. وصلت الأمور إلى ذروتها عندما حاول أمير “دفع” أخته الصغيرة بلطف من حضن والدته، مما أثار قلق والديه بشدة. قال الأب: “نشعر بالذنب والتمزق. نحن نحاول أن نمنحه الحب، لكن كل سلوكياته تهدف إلى إبعاد أخته. لا نعرف كيف نجعله يشعر بالأمان والحب مرة أخرى”.

2. رحلة الدعم: إعادة بناء جسور الأمان

كان هدفنا هو مساعدة الوالدين على فهم العالم من منظور أمير، وتزويدهم بأدوات استباقية لإعادة بناء شعوره بالأمان ومكانته في الأسرة. ركزت جلسات إرشاد الوالدين على استراتيجيات محددة:

  1. فهم “الزلزال” العاطفي: كانت الخطوة الأولى هي مساعدة الوالدين على إدراك أن ولادة أخته لم تكن حدثاً سعيداً بالنسبة لأمير، بل كانت بمثابة “زلزال” هز أركان عالمه. فجأة، لم يعد هو مركز الاهتمام الوحيد. سلوكياته لم تكن “سيئة”، بل كانت صرخة عالية تقول: “هل ما زلتم تحبونني؟ هل ما زلت مهماً؟”.
  2. جرعات مركزة من “الوقت الخاص”: كانت هذه هي الأداة الأقوى. التزم كل من الوالدين بقضاء 15 دقيقة يومياً من الوقت الفردي المركز مع أمير، حيث يكون هو محور الاهتمام الكامل، ويكون الحديث عن أخته الجديدة ممنوعاً. هذا الوقت “الخاص” أعاد شحن بطاريته العاطفية وأكد له مكانته.
  3. التحقق من صحة جميع المشاعر: تعلم الوالدان التوقف عن قول “لا تغار من أختك”. بدلاً من ذلك، أصبحا يعترفان بمشاعره: “أعلم أنه من الصعب أحياناً أن تشارك ماما. أنا أفهمك تماماً. أنا أحبك جداً”. هذا الاعتراف بمشاعره السلبية أزال عنه عبء إخفائها.
  4. منحه دوراً مهماً: تحول أمير من “المنافس” إلى “المساعد الكبير”. أصبح مسؤولاً عن إحضار الحفاضات، أو المساعدة في اختيار ملابس أخته. هذا الدور الجديد أعطاه طريقة إيجابية للتفاعل مع أخته ومنحه شعوراً بالفخر والأهمية.

3. التحول الإيجابي: من منافس إلى أخ كبير حنون

مع تطبيق هذه الاستراتيجيات، بدأ التحول الإيجابي يظهر في سلوك أمير وديناميكية الأسرة:

  • توقف التراجع السلوكي: عندما شعر أمير بأن مكانته آمنة وأن حاجته للاهتمام الفردي تلبى، اختفت الحاجة إلى السلوكيات الطفولية. توقفت حوادث التبول وعاد إلى التحدث بصوته الطبيعي.
  • ظهور مشاعر المودة: بدأ أمير يظهر مبادرات لطيفة تجاه أخته. أصبح يحضر لها ألعابها، يغني لها، ويكون أول من يركض إليها عندما تبكي ليطمئن عليها.
  • استعادة الثقة لدى الوالدين: شعر الوالدان بالتمكن والراحة. تحولوا من حالة رد الفعل المتوتر إلى حالة الفعل الاستباقي الهادئ.
  • أسرة متناغمة: قالت الأم: “كنا نركز على احتياجات المولودة الجديدة لدرجة أننا لم نرَ حجم الزلزال الذي يعيشه أمير. عندما بدأنا نملأ خزانه العاطفي أولاً، تغير كل شيء. الآن، بدلاً من أن يدفعها بعيداً، هو أول من يحاول إسكاتها عندما تبكي. لقد أصبح أخاً كبيراً رائعاً”.