1. التحدي: “كنا نعيش في ساحة معركة من الغيرة والمنافسة”

عندما تواصل معنا والدا “لين” (7 سنوات) و”زياد” (4 سنوات)، كانا يشعران باليأس. قالت الأم: “حلمنا بأن يكونا أفضل الأصدقاء، لكن الواقع هو أننا نعيش في حالة حرب باردة يومياً”. كانت لين، الأخت الكبرى، تشعر باستياء وغيرة شديدة تجاه أخيها الأصغر. كانت المنافسة على انتباه والديها شرسة ومستمرة.

كانت المشكلات اليومية تشمل الشجار على الألعاب، سباقاً لمعرفة من سيحكي قصته أولاً على العشاء، وعبارات مؤذية من لين مثل “أتمنى لو لم يكن لدي أخ”. في المقابل، تعلم زياد كيفية استفزاز أخته للحصول على رد فعل. كان الوالدان يقضيان معظم وقتهما كحكام، يحاولان فض النزاعات، وغالباً ما ينتهي بهم الأمر بالصراخ والشعور بالفشل، والقلق من أن أطفالهما لن يبنيا علاقة محبة أبداً.

2. رحلة الدعم: من فض النزاعات إلى بناء العلاقات

كان الحل يكمن في تحويل تركيز الوالدين من “إيقاف الشجارات” إلى “بناء جسور التواصل”. من خلال جلسات إرشاد الوالدين، عملنا على تغيير الديناميكية بأكملها:

  1. فهم السبب الجذري: كانت الخطوة الأولى هي مساعدة الوالدين على فهم أن سلوك لين لم يكن “لؤماً”، بل كان صرخة للشعور بالأهمية والاتصال. كانت تشعر بأن مكانتها مهددة، وأنها بحاجة للتأكد من أنها لا تزال مميزة ومحبوبة.
  2. تطبيق “الوقت الخاص”: كانت هذه هي الاستراتيجية الأكثر تأثيراً. التزم كل من الوالدين بقضاء 10-15 دقيقة من الوقت الفردي المركز مع كل طفل على حدة، كل يوم. هذا “الوقت الخاص” قام بملء “خزان الاهتمام” لدى كل طفل، مما قلل بشكل كبير من حاجتهما للتنافس السلبي على انتباه والديهما.
  3. التحول من “القاضي” إلى “المعلق الرياضي”: تدرب الوالدان على التوقف عن تحديد المخطئ والضحية. بدلاً من ذلك، أصبحا يعلقان على ما يحدث بموضوعية. “أرى طفلين كلاهما يريد نفس السيارة الحمراء. لين تمسك بها بقوة، وزياد يحاول سحبها”. هذا الأسلوب أزال اللوم وساعد الأطفال على الشعور بأنهم مفهومون.
  4. التحقق من صحة المشاعر الصعبة: تعلم الوالدان تطبيع مشاعر الغيرة. أصبحا يقولان لعبارات مثل: “أعلم أنه من الصعب أحياناً أن تشارك ألعابك” أو “من الطبيعي أن تشعر بالانزعاج عندما يأخذ أخوك دورك”.

3. التحول الإيجابي: بذور الصداقة تبدأ في النمو

مع تغيير نهج الوالدين، بدأ جو المنزل يتغير تدريجياً:

  • انخفاض كبير في حدة الشجارات: لم تختفِ الخلافات تماماً، لكنها أصبحت أقل تكراراً وأقل حدة. أصبح الوالدان قادرين على التدخل بهدوء وفعالية أكبر.
  • ظهور لحظات من اللطف: بدأ الوالدان يلاحظان لأول مرة لحظات عفوية من التعاون. لين تساعد زياد في ارتداء حذائه، أو زياد يحضر لأخته لعبتها المفضلة عندما تكون حزينة.
  • تغير دور لين: مع حصولها على كفايتها من الاهتمام الفردي، بدأت لين تتقبل دورها كأخت كبرى بفخر بدلاً من الاستياء. أصبحت تستمتع بتعليمه الأشياء وتوجيهه.
  • شعور بالراحة لدى الوالدين: كان التحول الأكبر هو شعور الوالدين بالراحة والتمكن. قال الأب: “لقد توقفنا عن محاولة فرض الصداقة بينهما، وبدأنا في بناء علاقة قوية مع كل واحد منهما على حدة. والمدهش أن هذا هو ما جعلهما أقرب لبعضهما البعض. بدأنا نرى أخيراً لمحات من الصداقة التي كنا نحلم بها”.