
من الصراخ إلى التعاون: كيف غيّر الإرشاد الوالدي ديناميكيات منزلنا؟
1. التحدي: “كنا نحب أطفالنا، لكننا لم نعد نستمتع بكوننا آباءً”
عندما تواصل معنا “أحمد” و”فاطمة” (اسمان مستعاران)، والدا طفلين (4 و 7 سنوات)، كانا يتحدثان بصراحة وصدق عن الإرهاق الذي وصلا إليه. قالت فاطمة: “أشعر بأنني أقضي يومي كله وأنا أصرخ. أصرخ لينهضوا، أصرخ ليأكلوا، أصرخ ليتوقفوا عن الشجار. وفي نهاية اليوم، أشعر بالذنب الشديد”.
كان جو المنزل مشحوناً بالتوتر. الشجار بين الأخوة كان مستمراً، والطلبات البسيطة كانت تتحول إلى معارك إرادة. شعر الوالدان بأنهما تحولا إلى “حكام” و”شرطة”، يقضيان وقتهما في فض النزاعات وفرض العقوبات. الكلمة التي تكررت في حديثهما كانت “استنزاف”. لقد فقدا الشعور بالمتعة في علاقتهما بأطفالهما، وشعرا بالانفصال عنهم وعن بعضهما البعض. كانا يعلمان أن هناك خطأ ما، لكنهما لم يعرفا من أين يبدآن التغيير.
2. رحلة الدعم: تغيير العدسة وتزويد الوالدين بالأدوات
كان نهجنا مع هذه الأسرة يرتكز بالكامل على جلسات إرشاد الوالدين. بدلاً من التركيز على “إصلاح” سلوك الأطفال، ركزنا على تمكين الأهل وتغيير الديناميكيات التي تسبب هذا السلوك.
- تغيير المنظور: كانت الخطوة الأولى هي مساعدة الوالدين على رؤية أن سلوك أطفالهما لم يكن تحدياً شخصياً، بل كان “عرضاً” لمشكلة أعمق: شعور الأطفال بالانفصال وحاجتهم للشعور بالأهمية والانتماء.
- بناء “صندوق أدوات” جديد: زودنا أحمد وفاطمة ببدائل عملية للصراخ والعقاب:
- مهارة “الاستماع الانعكاسي”: تدربا على الاستماع لمشاعر أطفالهما والتحقق من صحتها (“أنا أرى أنك غاضب جداً من أخيك لأنه أخذ لعبتك”) بدلاً من القفز إلى اللوم (“لماذا تصرخ؟”).
- وقت خاص فردي: التزما بقضاء 10 دقائق فقط من الوقت الخاص والمركز مع كل طفل على حدة كل يوم. هذا “الوقت الخاص” ملأ خزان الاهتمام لدى الأطفال، مما قلل بشكل كبير من سعيهم لجذب الانتباه بشكل سلبي.
- اجتماعات الأسرة: بدأوا بعقد اجتماعات عائلية أسبوعية قصيرة وممتعة لمناقشة التحديات (مثل “فوضى الألعاب”) وإيجاد حلول “معاً” كفريق واحد.
- الرعاية الذاتية للوالدين: تعلم أحمد وفاطمة أهمية التعرف على مسببات غضبهما وأخذ “وقت مستقطع إيجابي” لأنفسهما لتهدئة أعصابهما قبل التفاعل مع الموقف.
3. التحول الإيجابي: عائلة كفريق واحد
لم يكن التغيير فورياً، ولكنه كان عميقاً ومستداماً.
- انخفاض منسوب التوتر: انخفض حجم الصراخ في المنزل بشكل كبير. أصبح لدى الوالدين الآن استراتيجيات يلجؤون إليها عندما يشعرون بالإحباط بدلاً من رد الفعل التلقائي.
- زيادة مذهلة في التعاون: شعر الأطفال بأنهم مسموعون ومفهومون، فأصبحوا أكثر تعاوناً بشكل طبيعي. انخفضت حدة الشجار بين الأخوة لأنهم تعلموا طرقاً جديدة لحل خلافاتهم بدعم من والديهم.
- استعادة متعة الأبوة والأمومة: كان هذا هو الأثر الأكبر. توقف الوالدان عن الشعور بأنهما في معركة دائمة. قال أحمد: “لقد جئنا إليك لنغير أطفالنا، لكننا في الحقيقة غيرنا أنفسنا. عندما تعلمنا كيف نكون قادة هادئين ومتعاطفين، تغير كل شيء. لقد استعدنا متعة كوننا عائلة”.
- علاقة أقوى: لم تتحسن علاقتهم بأطفالهم فحسب، بل أصبحت علاقتهما كزوجين أقوى، حيث أصبحا يعملان كفريق حقيقي في رحلة التربية.