1. التحدي: “كان سعيداً في عالمه الخاص، لكننا كنا قلقين من بقائه وحيداً”

عندما التقينا بـ “ريان” (اسم مستعار)، طفل يبلغ من العمر 5 سنوات، مشخص باضطراب طيف التوحد، كان والداه يصفانه بأنه طفل سعيد وذكي. كانت لديه اهتمامات خاصة، خاصة بترتيب السيارات في صفوف طويلة ودقيقة. في الروضة، لم يكن يبكي أو ينزعج، لكنه كان دائماً يلعب بمفرده. كان يلعب “بجانب” الأطفال الآخرين، وليس “معهم”.

قالت والدته: “في الحديقة، يرى الأطفال الآخرين يركضون ويضحكون، لكنه لا يبدو أنه يعرف كيف ينضم إليهم. يكتفي بمشاهدتهم للحظة ثم يعود إلى عالمه الخاص. قلبنا يؤلمنا خوفاً من أن يكبر وهو يشعر بالوحدة”. التحدي لم يكن أن ريان غير سعيد، بل أنه كان يفتقر إلى الأدوات الأساسية لبدء التفاعل، مشاركة الاهتمام، والانخراط في اللعب المتبادل مع أقرانه.

2. رحلة الدعم: بناء المهارات الاجتماعية كالمكعبات

كان نهجنا مع ريان هو تفكيك المهارات الاجتماعية المعقدة إلى خطوات صغيرة جداً وقابلة للتعليم، تماماً مثل بناء برج من المكعبات، نبدأ بوضع مكعب واحد في كل مرة.

  • الجلسات الفردية مع ريان: ركزنا على بناء المهارات الأساسية الأولى في بيئة لعب منظمة وممتعة:
    1. بناء الانتباه المشترك: كانت “آلة الفقاعات” هي صديقتنا الأولى. كنت أقوم بتشغيلها لثوانٍ ثم أوقفها. كان على ريان أن ينظر إليّ ليطلب “المزيد”. هذه النظرة البسيطة كانت أول خطوة في بناء الانتباه المشترك.
    2. تعليم انتظار الدور: بدأنا بأبسط الألعاب التي تتطلب تبادل الأدوار، مثل دحرجة الكرة ذهاباً وإياباً، أو وضع مكعب واحد بالتناوب في برج. كنت أستخدم عبارات واضحة مثل “دوري الآن”، “الآن دورك يا ريان!”.
    3. “سيناريوهات اللعب” البسيطة: استخدمنا القصص الاجتماعية والصور لتعليمه كيفية بدء تفاعل بسيط، مثل تقديم لعبة لطفل آخر أو الإشارة إلى شيء مثير للاهتمام.
  • جلسات إرشاد الوالدين: كان دور الأهل هو نقل هذه المهارات إلى العالم الحقيقي:
    • أصبحوا “شركاء اللعب”: تدرب الوالدان على كيفية اللعب مع ريان بطريقة تعزز تبادل الأدوار والانتباه المشترك في المنزل.
    • مواعيد لعب منظمة وناجحة: قمنا بتوجيههم لتنظيم مواعيد لعب قصيرة جداً (15 دقيقة فقط في البداية) مع طفل واحد هادئ، مع وجود نشاط محدد وواضح (مثل تركيب لغز بسيط معاً).

3. التحول الإيجابي: نظرة، ابتسامة، ولعبة مشتركة

كان التقدم مع ريان يُقاس باللحظات الصغيرة والثمينة التي بدأت تتراكم:

  • الانتصارات الأولى: بدأ ريان في استخدام التواصل البصري لطلب الأشياء التي يريدها بدلاً من البكاء. في المنزل، بدأ يناول والده مكعباً، منتظراً منه أن يضع مكعباً آخر، في أول بادرة حقيقية للعب التشاركي.
  • الخطوة نحو الأقران: خلال موعد لعب منظم، قام ريان بتقليد زميله وهو يبني بالليغو، ونظر إليه وابتسم عندما تطابق بناءهما.
  • اللحظة الفارقة: جاء التقرير الأهم من معلمته في الروضة التي قالت: “اليوم، وأثناء وقت اللعب الحر، اقترب ريان من طفل آخر كان يلعب بالسيارات، وأخذ سيارة وبدأ يلعب بجانبه، مقلداً أصواته. لأول مرة، بادر بالانضمام إلى عالم طفل آخر”.
  • أمل متجدد للأسرة: قالت والدته: “كنا نعتقد أن النجاح هو أن يتحدث ويضحك مع الجميع. الآن ندرك أن النجاح هو هذه النظرة المشتركة، أو الابتسامة المتبادلة، أو مجرد الجلوس براحة بجانب طفل آخر. إنه يبني جسوره الخاصة إلى العالم، بوتيرته الخاصة، وهذا أجمل شيء يمكن أن نراه”.