
من نوبات الغضب إلى الحوار الهادئ: رحلة “يوسف” لتعلم إدارة مشاعره
1. التحدي: “بركان صغير على وشك الانفجار”
عندما تواصل معنا والدا “يوسف” (اسم مستعار)، طفل يبلغ من العمر 5 سنوات، كانا يشعران بالإرهاق والعجز. وصفا طفلهما المحبوب بأنه “بركان صغير على وشك الانفجار في أي لحظة”. أي تحدٍ بسيط، مثل عدم إيجاد اللعبة التي يريدها، أو سماع كلمة “لا”، كان كفيلاً بإشعال فتيل نوبة غضب شديدة تستمر لوقت طويل وتشمل الصراخ ورمي الأشياء.
أثر هذا الوضع على حياة الأسرة بأكملها. أصبح الوالدان يتجنبان الخروج إلى الأماكن العامة خوفاً من حدوث “انفجار” محرج. كان شقيق يوسف الأصغر يشعر بالخوف، وأصبح جو المنزل مشحوناً بالتوتر. كان يوسف نفسه يشعر بالسوء بعد كل نوبة، لكنه لم يكن يملك الأدوات اللازمة للتصرف بشكل مختلف. كان عالقاً في دائرة من المشاعر الكبيرة وردود الفعل المتفجرة.
2. رحلة الدعم: تزويد الأسرة بالأدوات المناسبة
كان نهجنا مع يوسف وعائلته يهدف إلى بناء المهارات من الداخل إلى الخارج. عملنا على مسارين متوازيين:
- الجلسات الفردية مع يوسف: كانت جلسات العلاج باللعب هي مفتاح الدخول إلى عالم يوسف. في بيئة اللعب الآمنة، تمكن من التعبير عن غضبه وإحباطه من خلال اللعب بالدمى والحيوانات. استخدمنا “مقياس المشاعر” البصري لمساعدته على التعرف على درجات شعوره بالغضب، من “القليل من الانزعاج” إلى “الغضب الشديد”. تعلم يوسف أن يتعرف على الإشارات الجسدية التي تسبق “الانفجار”، مما منحه فرصة للتوقف والتفكير.
- جلسات إرشاد الوالدين: كان تمكين الوالدين جزءاً لا يتجزأ من الحل. زودناهم باستراتيجيات عملية وفعالة:
- استراتيجية “الاتصال قبل التصحيح”: تعلم الوالدان كيفية التعاطف مع مشاعر يوسف أولاً (“أنا أرى أنك غاضب جداً الآن”) قبل وضع أي حدود، مما قلل من مقاومته بشكل كبير.
- إنشاء “ركن الهدوء”: بالتعاون مع يوسف، تم إنشاء زاوية مريحة في المنزل تحتوي على وسائد وأدوات حسية مهدئة، لتكون ملاذه عندما يشعر بأن مشاعره بدأت تكبر.
3. التحول الإيجابي: هدوء وثقة وعلاقة أقوى
مع مرور الوقت والممارسة المتسقة، بدأت الأسرة تجني ثمار جهودها. لم تختفِ مشاعر الغضب، لكن طريقة التعامل معها تغيرت جذرياً:
- أصبح يوسف “المتحدث باسم مشاعره”: التحول الأكبر كان عندما بدأ يوسف في استخدام كلماته. بدلاً من الصراخ، أصبح يقول “أنا غاضب منك!” أو “أنا محبط لأن لعبتي انكسرت”. هذه القدرة على التعبير اللفظي كانت انتصاراً كبيراً.
- نوبات غضب أقل حدة وأقصر مدة: انخفض تواتر نوبات الغضب بشكل ملحوظ، وعندما كانت تحدث، أصبحت أقصر وأقل حدة، حيث أصبح يوسف ووالداه يمتلكون الأدوات اللازمة لاحتوائها.
- علاقة أقوى: قالت والدة يوسف في إحدى الجلسات الأخيرة: “لقد توقفنا عن الخوف من مشاعره. أصبحنا نفهمه بشكل أفضل، والأهم من ذلك، أصبح هو يفهم نفسه. علاقتنا به أصبحت أقوى وأكثر هدوءاً”.
دراسات مرتبطة
