“مرحلة العامين الرهيبة” (The Terrible Twos). بمجرد سماع هذه العبارة، قد تتبادر إلى أذهاننا صور من نوبات الغضب الدرامية، وكلمة “لا” التي تتردد كصدى في كل مكان، ومعارك الإرادة حول أبسط الأمور. يشعر الكثير من الأهالي بالإرهاق ويعتقدون أن طفلهم تحول فجأة إلى كائن عنيد. لكن ماذا لو قلنا لك إن هذه المرحلة ليست “رهيبة” على الإطلاق، بل هي في الحقيقة “رائعة”؟ إنها ليست علامة على سلوك سيء، بل هي إعلان مدوٍ عن بزوغ شخصية مستقلة. هذا المقال سيساعدك على فهم ما يدور في عقل طفلك الصغير، وإعادة صياغة هذه المرحلة المليئة بالتحديات لتوجهها بحب وصبر بدلاً من الصراع.
1. لماذا كلمة “لا” هي كلمته المفضلة؟
عندما يكتشف طفل في الثانية من عمره كلمة “لا”، فإنه يكتشف قوة عظمى. بالنسبة له، هذه الكلمة ليست مجرد رفض، بل هي أداة قوية لبناء هويته.
- ماذا يحدث في عقله؟
إنه يدرك لأول مرة أنه شخص منفصل عنك، له رغباته وأفكاره الخاصة. بقول “لا” لك، هو في الحقيقة يرسم حدود شخصيته ويعلن للعالم: “أنا موجود!”. - كيف تستجيب؟
- قلل من الأسئلة التي إجابتها نعم/لا: بدلاً من سؤال “هل تريد ارتداء حذائك؟” (الذي يدعو إلى إجابة “لا”)، قدم خيارين مقبولين: “هل تريد ارتداء الحذاء الأحمر أم الأزرق؟”. هذا يمنحه شعوراً بالسيطرة مع تحقيق الهدف.
- كن قدوة: قلل من استخدام كلمة “لا” بنفسك. بدلاً من “لا تركض”، جرب “الرجاء استخدام قدمين تمشيان في الداخل”.
2. فك شفرة الانهيارات الدرامية
نوبات الغضب في هذا العمر غالباً ما تكون محيرة. قد ينهار طفلك لأنك قطعت شطيرته بشكل خاطئ. السبب الحقيقي أعمق من ذلك بكثير.
- ماذا يحدث في عقله؟
عالم طفلك مليء بالرغبات الكبيرة والقدرات المحدودة. هو يريد أن يسكب الحليب بنفسه (رغبة كبيرة) لكن مهاراته الحركية الدقيقة تخونه (قدرة محدودة). هذا التضارب بين ما يريد فعله وما يستطيع فعله يخلق إحباطاً هائلاً لا يملك الكلمات للتعبير عنه، فينفجر. - كيف تستجيب؟
- كن مرآة لمشاعره: انزل لمستواه وقل بهدوء: “أنت تشعر بالإحباط الشديد لأن البرج استمر في السقوط”. مجرد تسمية الشعور يساعد على تهدئته.
- تذكر قاعدة “الاتصال قبل التصحيح”: في ذروة الانهيار، دماغه العقلاني “خارج الخدمة”. لا جدوى من المنطق. مهمتك هي أن تكون حاضراً وهادئاً. العناق أو مجرد الجلوس بقربه بصمت أكثر فعالية من أي كلمات.
3. احتفل بعبارة “أنا بنفسي!”
الإصرار على فعل كل شيء بشكل مستقل، من ارتداء الملابس إلى الصعود إلى مقعد السيارة، يمكن أن يكون محبطاً عندما تكون في عجلة من أمرك.
- ماذا يحدث في عقله؟
هذه هي وظيفته الأساسية في هذه المرحلة: إتقان المهارات وبناء الشعور بالكفاءة. كل مرة ينجح فيها في فعل شيء بنفسه، تزداد ثقته بنفسه بشكل كبير. - كيف تستجيب؟
- خطط لوقت إضافي: توقع أن تستغرق الأمور وقتاً أطول. ابدأوا بالاستعداد للخروج قبل 10 دقائق من المعتاد للسماح له بمحاولة ارتداء حذائه بنفسه.
- اجعل البيئة مساعدة: استخدم مبادئ “منتسوري” البسيطة: كرسي صغير ليصل إلى المغسلة، خطافات منخفضة لسترته، أطباق وأكواب يمكنه الوصول إليها.
مرحلة العامين هي في الحقيقة “مرحلة الاستقلال” أو “مرحلة تكوين الذات”. إنها علامة فارقة وصحية في تطور طفلك. من خلال فهم الأسباب التنموية وراء سلوكياته العنيدة، يمكنك تحويل تفاعلاتك من معارك إرادة إلى فرص للتعليم والتواصل. أنت لا تربي طفلاً “صعباً”، بل أنت ترشد إنساناً صغيراً شجاعاً يكتشف صوته ومكانه في العالم. استمتع بهذه المرحلة الصاخبة والرائعة!
مرحلة العامين يمكن أن تكون مرهقة ومليئة بالتحديات. إذا كنتم تبحثون عن استراتيجيات مخصصة للتعامل مع سلوكيات طفلكم وتوجيهه بحب، فإن جلسات “دعم وإرشاد الوالدين” لدينا هنا لتقديم الدعم والأدوات التي تحتاجونها. تواصلوا معنا.