لأجيال، كان “الوقت المستقطع” العقابي (إرسال الطفل إلى زاوية أو إلى غرفته) هو الأداة التأديبية الأشهر. لكن هل تساءلت يوماً، ماذا يتعلم الطفل حقاً وهو جالس بمفرده وغاضب؟ غالباً، يتعلم أن عليه إخفاء مشاعره، وأن والديه لا يستطيعان تحمل انفعالاته الكبيرة، وأن عليه التعامل مع عواصفه الداخلية وحيداً. “الوقت المستقطع الإيجابي” أو ما يسمى أحياناً “وقت الدخول” (Time-In)، هو بديل يقلب هذه الفكرة رأساً على عقب. إنه ليس عقاباً، بل هو مهارة حياتية نعلمها لأطفالنا: مهارة الانسحاب لبعض الوقت لتهدئة النفس وتنظيم المشاعر.


 

ما الفرق الجوهري؟

 

لفهم قوة هذا النهج، دعنا نقارن بين الهدف والرسالة والنتيجة لكلا الأسلوبين:

  • الوقت المستقطع العقابي:
    • الهدف: العقاب والعزل.
    • الرسالة للطفل: “اذهب بعيداً، سلوكك سيء ولا أطيقه”.
    • النتيجة: شعور بالخزي، الغضب، والانفصال العاطفي.
  • الوقت المستقطع الإيجابي:
    • الهدف: الهدوء والتنظيم المشترك للمشاعر.
    • الرسالة للطفل: “أرى أنك تمر بوقت عصيب، دعنا نهدأ معاً”.
    • النتيجة: شعور بالأمان، تعلم مهارة حياتية، وتقوية العلاقة.

 

كيف تنشئ “ركن الهدوء” الخاص بكم؟

 

الوقت المستقطع الإيجابي يحتاج إلى مكان مخصص ومحبب. قم بإنشاء هذا المكان مع طفلك في وقت هادئ، لكي يشعر بالملكية تجاهه.

  1. اختر المكان: ابحث عن زاوية هادئة في غرفة المعيشة أو غرفة اللعب (تجنب غرفة نومه حتى لا ترتبط بالعزل).
  2. املأه بأدوات مهدئة: الهدف هو تجهيز المكان بأشياء تساعد الجهاز العصبي على الهدوء. فكر في:
    • وسائد ناعمة وبطانية مريحة.
    • كتب مصورة هادئة وقصص عن المشاعر.
    • أدوات حسية مثل كرة ضغط، قطعة صلصال، أو “جرة الهدوء” (جرة مليئة بالماء والجليتر لمشاهدتها وهي تستقر).
    • صور لوجوه تعبر عن مشاعر مختلفة لمساعدته على تسمية ما يشعر به.
  3. أعطه اسماً إيجابياً: أطلقوا عليه اسماً مثل “ركن الهدوء”، “محطة الراحة”، أو “كهف الاسترخاء”.

 

كيف تستخدمه بفعالية؟

 

  1. قدمه في وقت هادئ: عرّف طفلك على الركن الجديد عندما يكون مزاجه جيداً. اشرح له: “هذا هو مكاننا الخاص الذي نذهب إليه عندما تكون مشاعرنا كبيرة جداً وقوية، لمساعدتنا على الشعور بالتحسن”.
  2. اعرضه كدعوة، لا كأمر: في لحظة الانفعال الشديد، بدلاً من الصراخ “اذهب إلى غرفتك!”، انزل لمستواه وقل بهدوء: “أرى أن الغضب يسيطر عليك الآن. هل تود الذهاب إلى ركن الهدوء معي؟”.
  3. اذهب معه (خاصة في البداية): الهدف هو التنظيم المشترك. اجلس معه في الركن. في البداية، لا داعي للكلام. وجودك الهادئ هو أهم شيء. أنت تقوم بنمذجة الهدوء له.
  4. استخدم الأدوات: بعد أن تبدأ العاصفة بالهدوء قليلاً، يمكنك أن تقترح بهدوء: “هل نأخذ ثلاثة أنفاس عميقة؟” أو “هل تريد أن تعانق وسادتك المفضلة؟”.
  5. تحدث بعد انتهاء العاصفة: بمجرد أن يهدأ طفلك تماماً، يمكنك أن تتحدث لفترة وجيزة عما حدث. “لقد كان ذلك شعوراً كبيراً بالغضب. شكراً لأنك سمحت لي بمساعدتك على الهدوء”.

إن تبني نهج “الوقت المستقطع الإيجابي” يتطلب صبراً أكبر في البداية من مجرد إرسال الطفل بعيداً. لكنك لا تقوم فقط بحل مشكلة لحظية، بل تستثمر في صحة طفلك النفسية على المدى الطويل. أنت تعلمه أن جميع المشاعر مقبولة، وأن لديه القدرة على إدارتها، وأنك ستكون دائماً ملاذه الآمن في خضم عواصف الحياة.


تطبيق استراتيجيات تأديبية جديدة يمكن أن يكون تحدياً. إذا كنتم ترغبون في مساعدة مخصصة لإنشاء “ركن هدوء” وتطبيقه بفعالية في منزلكم، فإن جلسات “دعم وإرشاد الوالدين” تقدم لكم الإرشاد خطوة بخطوة. تواصلوا معنا.