عندما نحلم بتوسيع أسرتنا، غالباً ما نتخيل أطفالنا وهم يلعبون معاً بسعادة، ويصبحون أفضل الأصدقاء مدى الحياة. لكن الواقع اليومي قد يبدو مختلفاً تماماً: شجارات لا تنتهي حول الألعاب، سباق مستمر للحصول على انتباهك، وعبارة “هذا ليس عدلاً!” التي تتردد في كل زاوية. الحقيقة هي أن درجة معينة من غيرة الأخوة والمنافسة أمر طبيعي وصحي، فهي تعلم الأطفال مهارات التفاوض وحل النزاعات. لكن في بعض الأحيان، يمكن لتصرفاتنا كآباء وأمهات، رغم نوايانا الطيبة، أن تصب الزيت على النار دون أن ندرك. هذا المقال يسلط الضوء على 5 من هذه الأخطاء الشائعة ويقدم بدائل تساعد على بناء جسور المحبة بدلاً من جدران المنافسة.
1. الخطأ: المقارنات المستمرة (“لماذا لا تكون مثل أخيك؟”)
نقوم بذلك أحياناً بنية تحفيز أحد الأطفال، فنقول “انظر كيف يأكل أخوك كل خضرواته” أو “أختك أنهت واجباتها بهدوء”.
- لماذا يزيد الأمر سوءاً؟
المقارنة لا تخلق الدافع، بل تخلق الاستياء. إنها ترسل رسالة مفادها أن حبنا وتقديرنا مشروطان، وأن قيمة كل طفل تقاس بالنسبة لأخيه. هذا يضعهم في منافسة مباشرة ويغذي الشعور بالنقص لدى أحدهما والغطرسة لدى الآخر. - جرب هذا بدلاً من ذلك:
ركز على كل طفل كفرد مستقل. امدح جهوده وتقدمه الشخصي. بدلاً من المقارنة، قل: “لقد لاحظت أنك بذلت مجهوداً كبيراً في ترتيب ألعابك اليوم!” أو “أحب الطريقة التي ركزت بها في رسمتك”. احتفل بتفردهم بدلاً من قياسهم بنفس المسطرة.
2. الخطأ: التدخل السريع في كل خلاف
بمجرد أن نسمع صوتاً عالياً، نركض إلى الغرفة لنلعب دور الحكم، ونقرر من المخطئ ومن الضحية.
- لماذا يزيد الأمر سوءاً؟
التدخل السريع يحرم الأطفال من فرصة ثمينة لتعلم كيفية حل نزاعاتهم بأنفسهم. كما أنه غالباً ما يجعل أحد الأطفال يتعلم دور “الضحية” الذي يشتكي دائماً، والآخر دور “المعتدي” الذي يُلام دائماً، مما يعمق العداء بينهما. - جرب هذا بدلاً من ذلك:
ما لم يكن هناك خطر جسدي، قاوم رغبتك في أن تكون القاضي. كن وسيطاً محايداً. انزل لمستواهم وقل: “يبدو أن كليكما يريد نفس اللعبة. هذه مشكلة. ما هي الأفكار التي لديكم لحلها؟”. ساعدهم على التعبير عن مشاعرهم (“أنت تشعر بالغضب لأنه أخذها”) وتمكينهم من إيجاد حلولهم الخاصة (مثل استخدام مؤقت لتحديد الأدوار).
3. الخطأ: الإصرار على “العدل” المطلق
محاولة جعل كل شيء متساوياً تماماً: نفس حجم قطعة الكيك، نفس عدد الهدايا، نفس مقدار الوقت.
- لماذا يزيد الأمر سوءاً؟
هذا يحول أطفالك إلى “شرطة عدالة” تراقب كل حركة للتأكد من عدم وجود أي أفضلية للطرف الآخر. “العدل” الحقيقي لا يعني أن يحصل الجميع على نفس الشيء، بل أن يحصل كل فرد على ما يحتاجه. - جرب هذا بدلاً من ذلك:
ركز على تلبية الاحتياجات الفردية بدلاً من المساواة المطلقة. اشرح لهم الأمر ببساطة: “أختك تحتاج إلى حذاء جديد لأن حذاءها أصبح صغيراً. أنت ستحصل على حذاء جديد عندما يكبر مقاس قدمك”. هذا يعلمهم أن الأسرة تدعم احتياجات أفرادها المختلفين.
4. الخطأ: عدم تخصيص وقت فردي لكل طفل
بسبب انشغال الحياة، غالباً ما نقضي الوقت مع أطفالنا كمجموعة.
- لماذا يزيد الأمر سوءاً؟
أثمن شيء يتنافس عليه الأشقاء هو وقتك واهتمامك. إذا كانوا لا يحصلون عليه إلا كمجموعة، فسيظل التنافس قائماً دائماً لجذب انتباهك. - جرب هذا بدلاً من ذلك:
خصص وقتاً فردياً قصيراً ومنتظماً لكل طفل، حتى لو كان 15 دقيقة فقط في اليوم. “وقت خاص مع ماما” أو “مغامرة مع بابا”. في هذا الوقت، يكون اهتمامك الكامل له وحده. هذا يملأ “خزان الاهتمام” لديه ويقلل بشكل كبير من حاجته للتنافس عليه.
5. الخطأ: إجبار الأخ الأكبر على “التصرف كنضج” دائماً
عبارات مثل “أنت الأكبر، يجب أن تكون قدوة” أو “تنازل لأخيك الصغير” تضع حملاً ثقيلاً على الطفل الأكبر.
- لماذا يزيد الأمر سوءاً؟
هذا يجعله يشعر بالظلم والاستياء من أخيه الصغير الذي يبدو أنه يُعفى من المسؤولية دائماً. تذكر، الطفل الأكبر لا يزال طفلاً أيضاً، وله احتياجاته ومشاعره. - جرب هذا بدلاً من ذلك:
تعاطف مع مشاعره. “أعلم أنه من المحبط أن أخاك الصغير خرب بناءك. هو لا يزال صغيراً ويتعلم. دعنا نجد لك مكاناً آمناً لتلعب بألعابك الخاصة التي لا تريد أن يلمسها”. اعترف بمشاعره أولاً، ثم ابحث عن حل.
الهدف ليس القضاء على غيرة الأخوة، بل تحويلها من ساحة معركة إلى ملعب للتعلم. من خلال تجنب هذه الأخطاء الشائعة، يمكنك تقليل حدة الصراعات وتوجيه أطفالك نحو بناء علاقة صحية، يتعلمون فيها كيفية التعايش، المشاركة، وفي نهاية المطاف، أن يكونوا سنداً لبعضهم البعض.
إدارة ديناميكيات الأخوة يمكن أن تكون مرهقة. إذا كنتم تشعرون بأن المنافسة في منزلكم تسبب الكثير من التوتر، فإن جلسات الإرشاد الأسري لدينا يمكن أن تساعدكم على إيجاد استراتيجيات عملية لخلق جو منزلي أكثر هدوءاً وتفاهماً. تواصلوا معنا اليوم.