من الطبيعي أن يشعر الأطفال بالخوف من وقت لآخر، سواء كان ذلك من وحش تحت السرير أو من اليوم الأول في المدرسة. هذه المخاوف هي جزء طبيعي من النمو. لكن في بعض الأحيان، يمكن أن يتحول هذا الخوف إلى قلق مستمر يبدأ في التأثير على حياة الطفل اليومية: على نومه، صداقاته، وقدرته على الاستمتاع بطفولته. المشكلة هي أن القلق لدى الأطفال لا يبدو دائماً مثل “القلق” الذي نعرفه عند البالغين؛ غالباً ما يرتدي أقنعة مختلفة. هذا الدليل سيساعدك على التعرف على 7 من هذه العلامات الخفية، وفهم كيفية تقديم الدعم الذي يحتاجه طفلك.
1. الشكاوى الجسدية المتكررة
العلامة: هل يشتكي طفلك كثيراً من آلام في المعدة أو صداع، خاصة في الصباح قبل المدرسة أو قبل المناسبات الاجتماعية؟ إذا استبعد الطبيب وجود سبب عضوي، فقد تكون هذه الشكاوى هي الطريقة التي يعبر بها جسده عن القلق.
لماذا؟ العقل والجسد مرتبطان ارتباطاً وثيقاً. عند الأطفال، غالباً ما تترجم المشاعر الكبيرة التي لا يستطيعون التعبير عنها بالكلمات إلى أحاسيس جسدية حقيقية.
2. صعوبات في النوم
العلامة: صعوبة في الخلود إلى النوم، استيقاظ متكرر أثناء الليل، كوابيس، أو رغبة مفاجئة في النوم في سرير الوالدين بعد أن كان ينام بمفرده.
لماذا؟ تماماً مثل البالغين، عندما يكون العقل مشغولاً بالأفكار المقلقة والسيناريوهات المحتملة (“ماذا لو لم يلعب معي أحد غداً؟”)، يصبح من الصعب جداً الاسترخاء والانتقال إلى النوم الهادئ.
3. نوبات الغضب أو الانفعال الشديد
العلامة: هل يبدو طفلك سريع الانفعال أو الغضب مؤخراً؟ هل ينهار بسبب أمور تبدو تافهة؟
لماذا؟ القلق يستهلك الكثير من الطاقة العقلية، مما يقلل من قدرة الطفل على تحمل الإحباط. أحياناً، تكون نوبة الغضب هي رد فعل “القتال” (Fight) في استجابة “القتال أو الهروب” (Fight or Flight) التي يثيرها القلق.
4. السلوك التجنبي
العلامة: هذه من أقوى علامات القلق. يبدأ الطفل في تجنب مواقف أو أماكن معينة كان يستمتع بها سابقاً، مثل رفض الذهاب إلى حفلات أعياد الميلاد، التمارين الرياضية، أو حتى المدرسة.
لماذا؟ أسهل طريقة للتخلص من الشعور بالقلق هي تجنب الموقف الذي يسببه. إذا كان الذهاب إلى الحفلة يجعله قلقاً، فإن رفض الذهاب يزيل هذا الشعور فوراً، مما يعزز سلوك التجنب.
5. الحاجة المستمرة إلى الطمأنينة
العلامة: يطرح طفلك أسئلة متكررة للحصول على الطمأنينة، مثل: “هل أنت متأكد من أنك ستعود؟”، “هل سيحدث شيء سيء؟”، “هل هذا صحيح؟”.
لماذا؟ العقل القلق يبحث عن اليقين بنسبة 100% في عالم غير مؤكد. الطمأنينة التي تقدمها له تهدئه مؤقتاً، لكنها لا تعلمه كيفية التعامل مع عدم اليقين بنفسه.
6. الكمالية والخوف من ارتكاب الأخطاء
العلامة: يقضي وقتاً طويلاً جداً في الواجبات المدرسية، يمحو ما كتبه مراراً وتكراراً، يشعر بالانهيار عند ارتكاب خطأ بسيط، أو يرفض تجربة أشياء جديدة خوفاً من الفشل.
لماذا؟ الكمالية يمكن أن تكون استراتيجية لمحاولة السيطرة على النتائج وتجنب النقد أو الفشل الذي يخشاه الطفل.
7. التعلق الزائد (Clinginess)
العلامة: طفل كان مستقلاً سابقاً يبدأ فجأة في الالتصاق بأحد الوالدين، يجد صعوبة كبيرة في الانفصال عند باب المدرسة، أو لا يريد أن يتركك تخرج من الغرفة.
لماذا؟ هذا غالباً ما يكون علامة على قلق الانفصال، حيث يخشى الطفل من أن شيئاً سيئاً قد يحدث له أو لوالديه عندما يكونون منفصلين.
كيف تقدم الدعم لطفلك؟
- صادق على مشاعره: بدلاً من قول “لا يوجد ما يدعو للقلق”، قل “أنا أرى أنك تشعر بالقلق حيال هذا الأمر، وأنا هنا معك”. التحقق من صحة مشاعره يجعله يشعر بالأمان.
- أعطِ القلق اسماً: تحدث عن القلق كأنه “لص أفكار” أو “مخاوف مزعجة”. “أحياناً، يهمس لنا دماغنا بأفكار مقلقة. دعنا لا نستمع إليه”. تسمية الشعور تجرده من قوته.
- علّمه التنفس العميق: تدربوا معاً على “تنفس البطن”. ضعوا أيديكم على بطونكم وشاهدوا كيف ترتفع وتنخفض مع كل نفس عميق. هذه أداة قوية لتهدئة الجهاز العصبي.
- واجهوا المخاوف بخطوات صغيرة: لا تدع التجنب يسيطر. إذا كان طفلك يخاف من الكلاب، ابدأوا بمشاهدة صور للكلاب، ثم فيديو، ثم رؤية كلب لطيف من بعيد، وهكذا. واجهوا الخوف معاً وبشكل تدريجي.
إن إدراك أن سلوك طفلك قد يكون نابعاً من القلق هو الخطوة الأولى والأكثر أهمية. دعمك الهادئ والمتفهم هو أقوى دواء يمكن أن تقدمه له. ولكن إذا لاحظت أن قلق طفلك مستمر ويؤثر بشكل كبير على حياته اليومية، فإن طلب المساعدة المتخصصة هو علامة قوة وحب.
القلق لدى الأطفال قابل للعلاج، والدعم المبكر يحدث فرقاً كبيراً. إذا كنتم قلقين بشأن طفلكم، فإن خدمة “الإرشاد والدعم النفسي” لدينا توفر مساحة آمنة لطفلكم لتعلم مهارات التعامل مع القلق. تواصلوا معنا اليوم.